كثيرًا نسمع من الآباء والأمهات أنهم متذمرون، ومنزعجون من تصرفات أبنائهم المراهقين، فلا يستطيعون التعامل معهم، فكل تعامل بينهم ينتهي بالشجار، والعناد، أو التمرد، أو الابتعاد، والعزلة من قبل الأبناء، فينزعج من ذلك الآباء جداً، ويقفون حائرين في كيفية الوصول لحلول تقرب الأفكار والتواصل بين (الآباء والأمهات) وأبنائهم
مفتاح التعامل مع المراهقين
في الحقيقة إنّ سر ومفتاح التعامل مع الأبناء المراهقين هو معرفة الآباء والأمهات بطريقة التعامل المثلى التي ينبغي أن يتعاملوا بها مع أبنائهم المراهقين، في هذه المرحلة الصعبة الحرجة والهامة في حياة أبنائهم، وأن يعي الآباء والأمهات ماذا تعني هذه الفترة وسماتها، والأسباب وراء معاناتهم في التعامل مع أبنائهم المراهقين إذ أن معاناة الآباء والأمهات مع أبنائهم المراهقين ناتج عن عدم معرفتهم وعدم إلمامهم بسمات تلك المرحلة، والتغيرات التي تطرأ على أبنائهم، ففي تلك المرحلة يعامل الآباء أبناءهم على أنهم أطفال، ولابد أن يستجيبوا لهم في كل شيء، بينما يكون الأبناء قد دخلوا في مرحلة المراهقة، التي يشعرون خلالها بالاستقلالية، والانشغال بذاتهم، والتحرر من سلطة الأبوين، ويميلون لاتخاذ قرارتهم بأنفسهم، ومن هنا قد يتخذ الأبناء قرارات خاطئة، وعشوائية لعدم نضجهم الكافي ولكن تأثير التغييرات عليهم يجعلهم يتمسكون باتخاذ قرارات بأنفسهم بعيدًا عن الوالدين، لهذا لابد لهم من تعامل خاص وطرق تربوية فعّالة تصلح مع صعوبة هذه المرحلة
فما هي فترة المراهقة التي ينبغي فهمها أولاً؟
فترة المراهقة، تأتي من الفعل راهق، وتعني في اللغة العربية فترة انتقالية تقع ما بين مرحلة الطفولة، ومرحلة الشباب وتربط بينهما، وفيها يمر الأطفال ببعض التغيرات النفسية، والجسمانية، والعقلية، والعاطفية، تهيؤه للوصول لمرحلة الشباب، فهي فترة غير مستقرة، وغير ثابتة، تمامًا كالمسافر ينتظر في الترانزيت؛ كي يكمل رحلته نحو المكان الذي يهدفه
مرحلة المراهقة مرحلة صعبة وخطرة
بما أن هذه المرحلة غير ثابتة وغير مستقرة؛ فإنه يترافق مع هذه الفترة تغيرات نفسية، وعقلية، وجسمية، وعاطفية، فإنّ المراهق يكون متخبطاً، متوتراً، عنيفاً، وعصبياً، وطائشاً، ومندفعاً، ويتخذ قرارات خاطئة، ويمر بتوترات ومشكلات عديدة لا يستطيع المراهق تجنبها، وبالتالي يقع تحت الضغوطات النفسية، والاجتماعية، لهذا فإن هذه المرحلة من حياة المراهقين تحتاج معاملة خاصة من الآباء والأمهات، ولذلك هي صعبة، وهي أيضاً مرحلة خطرة؛ لأنها لو مرت بسلام، وعلى مبادئ تربوية، وتأسيسية صحيحة، ورعاية، ومتابعة جيدة، فإن مرحلة الشباب ستكون بخير، ولذلك اهتم التربويون بهذه المرحلة؛ لأنها مرحلة تحضيرية لمرحلة الشباب المهمة، التي تبني المجتمع وتنميه. إن المراهق لو نشأ نشأة سوية، ستجعل منه فيما بعد شاباً مسؤولاً وعضواً منتجاً في مجتمعه
ولنتعرف على السمات التي تظهر على تصرفات المراهق:
أولاً: يميل المراهق إلى إثبات الذات والقدرات، وهذا الأمر يدفع المراهق إلى التحرر من قيود الأسرة، ويرفض أي وصاية من الآخرين، ويُفرط في الاستقلالية وذلك في سبيل تطوير شخصية مستقلة، تثبت قدراتها على مواجهة تحديات الحياة
ثانياً: التهور، فالمراهقون يتخذون قرارات متسرعة لا يحسبون عواقبها، فهم يفكرون بطريقة مختلفة، ويمتلكون معتقدات ووجهات نظر قد تدفعهم غالباً إلى التعجل، وذلك لأنهم في مرحلة تخبط واضح في النواحي النفسية، والعقلية، والجسدية، والعاطفية…
ثالثاً: العناد، وهذه صفة واضحة في المراهق لإثبات رجولته، وعدم الانسياق لأسرته، ذلك أن فترة المراهقة تُعدّ جسراً ينتقل فيها من الطفولة إلى الرجولة، فهو يُريد أن يُظهر أمام الآخرين رجولته، وهذا الشعور يولّد لديه الرغبة في التهور والعناد دون التفكير في عواقب الأمور، بالإضافة لتصرفاته التي تزعج الوالدين والأسرة بشكل عام، وتقلب مزاجهم وفرض سيطرتهم النابعة من رغبته في إثبات رجولته المستجدة.
رابعاً: توقف المراهقين عن الاهتمام بأفعال الوالدين، وجعل بؤرة تركيزهم في الحياة، وذلك لأنهم مهتمون بذاتهم أكثر من أي عصر خارجي حولهم، بل وقد يبتعدون عن الأهل، ويتقربون من أبناء جيلهم، ولا يشاركون أهلهم الحوار والحديث؛ على اعتبار أنهم لا يستطيعون فهم ما يمرّون به. وينبغي على الآباء والأمهات أن يعوا الطرق التربوية الصحيحة، والحديثة، والفعالة، التي تساهم في تسهيل تربية المراهقين، والتعامل معهم، وبناء رابطة قوية بينهما