لا تقلق … ابنك/ ابنتك في مرحلة المراهقة

كثيرًا نسمع من الآباء والأمهات أنهم متذمرون، ومنزعجون من تصرفات أبنائهم المراهقين، فلا يستطيعون التعامل معهم، فكل تعامل بينهم ينتهي بالشجار، والعناد، أو التمرد، أو الابتعاد، والعزلة من قبل الأبناء، فينزعج من ذلك الآباء جداً، ويقفون حائرين في كيفية الوصول لحلول تقرب الأفكار والتواصل بين (الآباء والأمهات) وأبنائهم
مفتاح التعامل مع المراهقين
في الحقيقة إنّ سر ومفتاح التعامل مع الأبناء المراهقين هو معرفة الآباء والأمهات بطريقة التعامل المثلى التي ينبغي أن يتعاملوا بها مع أبنائهم المراهقين، في هذه المرحلة الصعبة الحرجة والهامة في حياة أبنائهم، وأن يعي الآباء والأمهات ماذا تعني هذه الفترة وسماتها، والأسباب وراء معاناتهم في التعامل مع أبنائهم المراهقين إذ أن معاناة الآباء والأمهات مع أبنائهم المراهقين ناتج عن عدم معرفتهم وعدم إلمامهم بسمات تلك المرحلة، والتغيرات التي تطرأ على أبنائهم، ففي تلك المرحلة يعامل الآباء أبناءهم على أنهم أطفال، ولابد أن يستجيبوا لهم في كل شيء، بينما يكون الأبناء قد دخلوا في مرحلة المراهقة، التي يشعرون خلالها بالاستقلالية، والانشغال بذاتهم، والتحرر من سلطة الأبوين، ويميلون لاتخاذ قرارتهم بأنفسهم، ومن هنا قد يتخذ الأبناء قرارات خاطئة، وعشوائية لعدم نضجهم الكافي ولكن تأثير التغييرات عليهم يجعلهم يتمسكون باتخاذ قرارات بأنفسهم بعيدًا عن الوالدين، لهذا لابد لهم من تعامل خاص وطرق تربوية فعّالة تصلح مع صعوبة هذه المرحلة
فما هي فترة المراهقة التي ينبغي فهمها أولاً؟
فترة المراهقة، تأتي من الفعل راهق، وتعني في اللغة العربية فترة انتقالية تقع ما بين مرحلة الطفولة، ومرحلة الشباب وتربط بينهما، وفيها يمر الأطفال ببعض التغيرات النفسية، والجسمانية، والعقلية، والعاطفية، تهيؤه للوصول لمرحلة الشباب، فهي فترة غير مستقرة، وغير ثابتة، تمامًا كالمسافر ينتظر في الترانزيت؛ كي يكمل رحلته نحو المكان الذي يهدفه
مرحلة المراهقة مرحلة صعبة وخطرة
بما أن هذه المرحلة غير ثابتة وغير مستقرة؛ فإنه يترافق مع هذه الفترة تغيرات نفسية، وعقلية، وجسمية، وعاطفية، فإنّ المراهق يكون متخبطاً، متوتراً، عنيفاً، وعصبياً، وطائشاً، ومندفعاً، ويتخذ قرارات خاطئة، ويمر بتوترات ومشكلات عديدة لا يستطيع المراهق تجنبها، وبالتالي يقع تحت الضغوطات النفسية، والاجتماعية، لهذا فإن هذه المرحلة من حياة المراهقين تحتاج معاملة خاصة من الآباء والأمهات، ولذلك هي صعبة، وهي أيضاً مرحلة خطرة؛ لأنها لو مرت بسلام، وعلى مبادئ تربوية، وتأسيسية صحيحة، ورعاية، ومتابعة جيدة، فإن مرحلة الشباب ستكون بخير، ولذلك اهتم التربويون بهذه المرحلة؛ لأنها مرحلة تحضيرية لمرحلة الشباب المهمة، التي تبني المجتمع وتنميه. إن المراهق لو نشأ نشأة سوية، ستجعل منه فيما بعد شاباً مسؤولاً وعضواً منتجاً في مجتمعه
ولنتعرف على السمات التي تظهر على تصرفات المراهق:
أولاً
: يميل المراهق إلى إثبات الذات والقدرات، وهذا الأمر يدفع المراهق إلى التحرر من قيود الأسرة، ويرفض أي وصاية من الآخرين، ويُفرط في الاستقلالية وذلك في سبيل تطوير شخصية مستقلة، تثبت قدراتها على مواجهة تحديات الحياة
ثانياً: التهور، فالمراهقون يتخذون قرارات متسرعة لا يحسبون عواقبها، فهم يفكرون بطريقة مختلفة، ويمتلكون معتقدات ووجهات نظر قد تدفعهم غالباً إلى التعجل، وذلك لأنهم في مرحلة تخبط واضح في النواحي النفسية، والعقلية، والجسدية، والعاطفية…
ثالثاً: العناد، وهذه صفة واضحة في المراهق لإثبات رجولته، وعدم الانسياق لأسرته، ذلك أن فترة المراهقة تُعدّ جسراً ينتقل فيها من الطفولة إلى الرجولة، فهو يُريد أن يُظهر أمام الآخرين رجولته، وهذا الشعور يولّد لديه الرغبة في التهور والعناد دون التفكير في عواقب الأمور، بالإضافة لتصرفاته التي تزعج الوالدين والأسرة بشكل عام، وتقلب مزاجهم وفرض سيطرتهم النابعة من رغبته في إثبات رجولته المستجدة.
رابعاً: توقف المراهقين عن الاهتمام بأفعال الوالدين، وجعل بؤرة تركيزهم في الحياة، وذلك لأنهم مهتمون بذاتهم أكثر من أي عصر خارجي حولهم، بل وقد يبتعدون عن الأهل، ويتقربون من أبناء جيلهم، ولا يشاركون أهلهم الحوار والحديث؛ على اعتبار أنهم لا يستطيعون فهم ما يمرّون به. وينبغي على الآباء والأمهات أن يعوا الطرق التربوية الصحيحة، والحديثة، والفعالة، التي تساهم في تسهيل تربية المراهقين، والتعامل معهم، وبناء رابطة قوية بينهما

تربية المراهقات بين الأدوار المنوطة والمفاهيم المغلوطة

فهم طبيعة الأشياء بعمق يسهل كثيراً عند التعامل معها بشكل صحيح، ولحل أي مشكلة لابد من معرفة حقيقتها وأسبابها والدوافع والأجواء المحيطة بها، كذلك لا يختلف الأمر كثيراً عند تربية الفتيات المراهقات. إن العديد من مشكلات الفتيات التربوية بينهن وبين الآباء والأمهات تنشأ نتيجة لعدم فهم سيكولوجية الفتيات، الأمر الذي قد ينعكس بالسلب على الدور والجهد الذي يقوم به الآباء تجاه الفتيات
وحتى لا يحدث استقطاب بين الدور المنوط بالوالدين أن يقوموا به وبين المفهوم الأمثل للتربية في التعامل مع الفتيات المراهقات، لا بد من فهم الأدوار والمسؤوليات التي يجب على الوالدين القيام بهما تجاه تربية الأولاد والبنات
في هذا المقال الموجز نستعرض بعض النصائح الموجهة للأبوين والتي من شأنها أن تسهم في بناء علاقة إيجابية بين المراهقات وبين المربين
١) الكلمة الطيبة مفتاح قلبها
المرأة بطبيعتها شخصية سمعية تستهويها اللطافة وتجذبها عذوبة ورقة الكلمات، مواقف عديدة قد يستعصي حلها بين رجل وامرأة ولكن بكلمات بسيطة ممزوجة بالعطف والحنان تحل تلك المشكلات وكأنها لم تكن
فعلى الوالدين أن يراعو هذا الأسلوب خلال التعامل مع ذويهم من المراهقات، وأن يدركوا أن المراهقة لم تعد صغيرة فهي عقلية تتكون، وشخصية تنمو وترى نفسها في القريب العاجل الأم والزوجة وربة المنزل… السبيل إلى قلب المرأة هو أذنها فالكلمات الرقيقة الحانية حين تتقدم طلبك فاعلم أن طلبك بات على وشك التحقق والقبول من المرأة عموما والفتاة المراهقة خصوصاً… والمراهقة شأنها شأن أي امرأة في الطباع والتعامل
٢) لا تستنكر طبيعة المرحلة
من الطبيعي أن الفتاة في مرحلة المراهقة تمر بمجموعة من التغيرات الهرمونية التي تؤثر على جميع عمليات الجسم الحيوية بما في ذلك صحتها النفسية… فلا تستغرب علامات الضجر التي تصدر منها تجاهك، قابل غضبها بابتسامة، ونرفزتها باحتواء
٣) التواصل ثم التواصل
التواصل مع البنات المراهقات قد يمنع من حدوث مشكلات كثيرة لا تحمد عقباها .. وعدم التواصل على المدى البعيد يؤدي لكبت المشاعر والأحاسيس التي حتما سيأتي يوم وتنفجر وهنا يمكن أن يحدث مالا يحمد عقباه؛ لذلك أيتها الأم كوني على تواصل دائم مع ابنتك ولا تعطي الفرصة للشيطان أن يملأ فراغها ولا لفتى طائش أن يداعب مسامعها
٤) غض الطرف عن السلبيات
في مرحلة المراهقة حاول/لي أن يكون التركيز على التحفيز والتشجيع أكثر من الالتفات للسلبيات، وإن استدعى الأمر بعض المجاملة فلا بأس… وذلك لأن شخصية المراهق ( الولد والبنت) يشتركان في الفخر والاعتزاز بالنفس فهم دائماً يرون المميز في أفعالهم وتصرفاتهم ولا يلتفتون لغيرها… لذلك حفزها وشجعها وبالغ معها في كلمات المدح والثناء
٥) أيها الآباء، لا تخجلوا
أخيراً فالتربية علم، وممارستها فن لابد من إتقانه، والإنسان قد يجهل كيفية التربية، وقد يكون الأب لا يمتلك حنكة احتواء أولاده ولا يعرف كيفية التعامل معهم في مرحلة معينة… هنا لا مانع من الاستعانة والاستشارة بالمتخصصين من أصحاب الخبرات
ولا يعني هذا أنك مربٍ فاشل أو أنكِ أمٌّ عاجزة عن سياسة شؤون بناتك، فالدنيا لا تخلو والبيوت لا تصفو على الدوام وأحيانًا يفتقد المرء إلى المشورة مهما كانت خبراته ومهاراته
ولعل الأمثلة على ذلك كثيرة، فمن منا ينسى الرجل الذي شكا زوجته لعمر بن الخطاب، ومن ينسى الولد الذي اشتكى أباه لأمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه-
إن طلب المشورة لم يكن يومًا عجزًا ولا نقصًا، بل هو خلق عظيم وتصرف حكيم من سلكه ظفر على الدوام

سبعة آباء لا يحبهم المراهقون

ربما هذا العنوان المشكوك في دقة وصفه وتعبيره بالنسبة لك هو ما دفعك للقراءة، وبشيء من الدهشة والاستغراب تتساءل: هل هناك أبناء يكرهون آباءهم؟ على الرغم مما يبذلون من جهد لإسعادهم، وتوفير كل سبل الراحة لهم… الإجابة الصادمة: نعم… إن بعض السلوكيات والتصرفات تُجاه أبنائنا قد تعكس الصورة الذهنية لديهم بشكل مختلف عمّا نريده تماماً، وقديمًا قالوا: “خاطبني بالطريقة التي أفهمها وأحبها لا بالطريقة التي تفهمها وتحبها أنت”… وكم من شخص مثالي في تفكيره، عميق في عقله وثقافته إلا أنّ الكثيرين يَنفرون منه بسبب الطريقة التي يتعامل بها مع غيره

إن طريقة التعامل مع أبنائك هي التي قد تصنع منه شخصاً ودودًا يكون لك بمثابة الصديق أو الصاحب، وهي ذاتها التي قد تجعله فظًا لدودًا ينفر منك ويبتعد عنك، ويكره أن يتلقى منك أي شيء

وفي هذا المقال نستعرض مجموعة من السلوكيات التي يكرهها الأبناء من الآباء وخاصة المراهقين عند التعامل، وبسببها قد تتحول التربية من اهتمام وحفاوة إلى معاناة وعداوة بين الأبناء والوالدين

التقصير في الاحتياجات وعدم سد الحاجات – الأب المقصر

الأب هو رب الأسرة والمسؤول عنها أولاً وأخيراً؛ فهو المعني بتوفير الاحتياجات الأساسية لأبنائه من مأكل وملبس ومشرب، وإن اختلفت الثقافات والعادات والتقاليد بخصوص هذا الجانب، فبعض الأسر اعتادت على تقاسم المسؤوليات المادية بين الأب والأم بسبب طبيعة الحياة والعمل أو الدولة أو المجتمع وغير ذلك… إلا أن الفطرة البشرية والديانات السماوية تقر وتؤكد أن الرجال هم المنوط بهم سد الخلل وتوفير احتياجات أبنائهم

وعلى هذا الأساس فإن شعور الأبناء بنقص في هذا الجانب سيؤدي لخلل نفسي بينهم وبين الآباء، لاسيما الأبناء المراهقون فهم في مرحلة الإدراك والمقارنة بينهم وبين أقرانهم زملاء الدراسة ورفقاء اللعب… لابد وأن يسد الأب احتياج ابنه في هذا الجانب وفقًا للمستوى البيئي والاجتماعي الذي يعيش؛ حتى لا يشعر الابن بالدونية تجاه من حوله، ثم يستقر في ذهنه أنه بسبب عجز أبيه وفقره صار في درجة أقل من أصدقائه، فيتحول الرضا إلى سخط وغضب من الابن على أبيه بسبب ما يعتقد ويراه تقصيرًا

ربما تكون بعض العبارات مبالغ فيها بالنسبة لك كأب لكن الحقيقة المُرة أنهم هكذا يفكرون وفقاً لطبيعة هذه المرحلة، فهم لا يعنيهم أن هناك ميزانية لكل بند من البنود، ولا يعنيهم كم الراتب الذي يتقاضاه الأب، ولا يفقهون أن ثمة مبلغاً مدخراً للاعتماد عليه وقت الحاجة؛ لذلك ينبغي الانتباه إلى أنّ سد حاجات الأبناء في هذه المرحلة من أهم الأولويات التي تجعلك تقود مركبة التربية بنجاح لتعبر بسلام مع أبنائك

القسوة وجفاء المشاعر – الأب البخيل

بخل المشاعر من أقسى أنواع البخل.. الابن لا يفهم أن الجِدِّية طوال الوقت من ضروريات الحياة وطبيعة العصر؛ حاول دائمًا أن تؤكد للمراهق أنك تحبه، ولا تقطع عن أذنيه كلمات اللطف الحانية فهو سرعان ما ينسى، اجعل كل أفعالك تعبر له عن الحب، ولا مانع من أن تحتضنه، وتقبل رأسه، ولا سذاجة في أن تكتب له عبارة على الحائط مثلاً أنك تحبه وأنك معجب بتصرفاته وانضباطه. المراهق في تفكيره يشبه عقلية المرأة وقلبها التي تحتاج دائماً لكلمات المدح على الدوام. دع قلبك يلين ولا مانع من أن تتعلم بعض الجمل والعبارات التي تستميل الأذن وتشجع بها أبناءك فهذا منهج مهم يحتاج إلى دراسة ومذاكرة ومراجعة، والرسوب فيه سيكلفك الكثير من حياتك

إن القسوة والغلظة لا تصنع رجلاً قوياً فتياً كما يتوهم البعض، بل إنها تصنع فجوة تربوية وفراغاً نفسياً بين الأب وأبنائه

عدم احترامه أو تقديره – الأب السفيه

السفيه هو الجاهل بتفاصيل الأمور ولا يحسن التصرف فيها بدقة… ومن السفاهة والحماقة ألا يعرف الأب أو المربي أن أول الطرق للوصول لقلب المراهق هو تقديره واحترامه وتثمين ما يقوم به مهما كانت بساطته 

ربما مرت عليك بعض الحالات التي تجد فيها شخصاً يلتف حوله الشباب والأطفال والمراهقون وأحياناً الناس بكبيرهم وصغيرهم، وتتساءل عن سبب عن هذا الإقبال، وأنى لهذا الشخص أن يمتلك عقول وقلوب هؤلاء ويسيطر عليها بكل سهولة؟ 

فهذا المعلم حين ينفعل وينظر بحدة وشدة، ترى الجميع يهابه من دون تخويف أو تهديد أو ترهيب، وذاك المدرب يطيل التدريب ويثقل على المتدربين إلى حد كبير لكن الجميع يستمتع بالتدريب معه، وهنالك مدير يستمر الناس بالعمل لمجرد أنهم يعملون معه، يشاركونه حياتهم وتفاصيل أيامهم وكأنهم أصدقاء طفولة، على عكس آخرين لا يربطهم به سوى العمل فتنقطع العلاقة بينهم بمجرد إنهائه

إن هذه النماذج لا تفسير لها سوى أن الشخص الذي يأسر القلوب ويمتلكها هو الذي يقدِّر الآخرين ويحترمهم… فالنفوس جُبلت على التقدير وتنجذب لمن يعطي لها حقها من التكريم، وكذلك المراهق أو الطفل إن أردتَ أن يُقدرك فقدّرْه، وإن أردتَ أن يحترمك فاحترمْه، واعلم أن المراهق ينفر تماماً من ذلك الشخص الذي يقلل من مجهوداته، ويتعامل مع عقليته بسطحية وسذاجة؛  فاحذر من ذلك النموذج المبغوض لدى المراهقين خاصة إن كنت أبًا أو مربياً

تقييده والمبالغة في التضييق عليه – الأب الديكتاتور

لابد أن تكون هناك مساحة من الخصوصية يشعر بها كل إنسان، وحين تُنتَهكُ هذه المساحة يشعر بالضيق والاختناق… لذلك هناك فرق بين مراقبة المراهق وتحسس أحواله و بين التجسس عليه، راقبه بأن تتابع تصرفاته حتى تتدخل في الوقت المناسب لمنع الخطأ الذي سيودي به إلى المخاطر… لا تضيق على المراهق في كلامه وتصرفاته وأفعاله فهذه مرحلة يتعلم فيها مزيداً من الأخلاق ويكتسب الكثير من الصفات، وتأكد أن الخطأ في هذه المرحلة لابد منه وأنت من يقوم بمعالجة هذه التصرفات، إذن لابد من أخطاء وتجاوزات، ستحدث من الطفل أو المراهق، وعليك أن تحدد أنت كيفية التعامل معها. إن منع الأبناء من اللعب في الشارع مثلاً لن يكون الحل في ضمان الحفاظ عليهم من أصدقاء السوء، فاليوم باتت التكنولوجيا تجلب الأصدقاء إلى غرفته الخاصة، ومنع الهاتف عنه مثلاً لن يمنعه من الوقوع في مساوئ الإنترنت، فهنالك البديل مع أصدقاء المدرسة ورفقاء النادي، لذلك عليك أن تتوقف فوراً عن التضييق عليه، وأن تُجْهِد نفسك في ابتكار وتعلم أساليب تربوية تجعلك فقط تراقبه دون التسلط عليه أو التحكم فيه بشكل يضايقه

وضْعُه تحت ضغط المقارنة – الأب الساخط

المقارنة دائماً تضع الإنسان تحت ضغط نفسي ومعنوي رهيب، والشخص الذي يقارن نفسه بالآخرين طوال الوقت بسخط وغل ونقمة على اعتبار أن ما لديهم أفضل مما لديه، هو شخص مهموم طوال الوقت، لأن المقارنة بهذه الطريقة تنم عن عدم رضىً عن النفس، وعدم الرضا هذا يخلق حالة من القلق اللا متناهٍ ولعل هذا ما جاء في الحديث القدسي: ” فإن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك، وإن لم ترضَ بما قسمته لك فو عزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية، ولا ينالك منه إلا ما قسمته لك وكنت عندي مذموماً”

هذا هو حال نفسية الشخص الساخط الذي يقارن نفسه بالآخرين وينقم على حياته… فما بالك إن مارست هذا السلوك على المراهق ووضعته دائماً تحت ضغط المقارنة بينه وبين أمثاله… تأكد أنك بالمقارنة بينه وبين صديقه في المدرسة لا تحفزه على النجاح أو التخلص من عادة سلبية أو تعزز من نشاطه على التغيير من نفسه 

بل إنك بهذه المقارنة تصنع شخصاً ضعيف الشخصية، منخور البنية العقلية والسلوكية

المقارنة سوف تضعف ثقته بنفسه، والمقارنة سوف تخلق شخصاً حسوداً حقوداً على الناس لا يؤمن بأن الحياة طبقات وأن الناس مستويات، والمقارنة سوف تصنع ذلك الشخص المغرور الذي يرى أنه الأحسن والأفضل في كل شيء في حال كانت المقارنة بينه وبين من هم أقل منه شأناً؛ لذلك علينا جميعاً أن ننتبه إلى هذا السلوك التربوي ولا تقارن بين الأبناء أو طلابك في المدرسة فهذا على المدى البعيد سيكون ضدهم وليس في صالحهم.

الانعزال الفكري والجسدي – الأب المشغول

في إحدى المدارس أجريت إحصائية عن المعلمين الذي يتمتعون بشعبية بين طلابهم فكانت النتيجة أن ثلاثة من ٣٠ معلما هم أكثر من يلتف الطلبة حولهم وعند سؤال الطلاب عن السبب كانت النتيجة أن المعلم يشاركهم في لعب كرة القدم ويشاركهم بعض الألعاب والأوقات الترفيهية التي يقضونها

نعم، إنها المشاركة، المراهق يحب من يشاركه تفاصيل حياته واهتماماته، مثلما تنجذب أنت لمن يحدثك عما يشغلك في حياتك أو عملك لذلك عليك أن تتفرغ دائماً لابنك وتصاحبه

إن كانت هناك قطيعة بينك وبين ابنك المراهق، ولا يسمعك ولا يتحدث معك كثيراً وهذا أمر بالطبع يؤرقك؛ فعليك أن تجرب هذا لفترة قصيرة شاركه، تحدث معه، العب معه… وستجد العلاقة بينك وبينه استحالت تماماً وصرتَ الصديقَ الأقرب إليه

ترهيبه دون ترغيبه – الأب المتسلط

من أعظم الأساليب التربوية أسلوب الترهيب والترغيب ومن أدق وأحكم القيم أن يكون هناك توازن بينهما

ولعل القرآن الكريم كان له السبق في تكريس هذا السلوك بأسلوب بديع

فترى الله -عز وجل- حين يتحدث عن أسلوب العقاب يُتبعه بأسلوب الثواب، ومن هذا نحو قوله -تعالى-: “نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم”

دائماً لابد من التوازن في هذين الأمرين حتى لا تكل النفوس وتمل… المراهق يرى من يرغبه هو الشخص الذي يحبه ويريد له كل الخير، أما من يحاول ترهيبه وتحذيره فهو شخص متسلط يكرهه، هكذا هي العقلية التي نتعامل معها، لذا لابد أن ننزل لمستواها دون الخلل بما نريد أن نربيه عليه

حاول دائماً أن يكون الخطاب مع المراهق متنوعاً لا تأمره بأن يفعل كذا من أجل كذا.. بل أخبره أن من ذاكر نجح.. وأن الذي تعلم هذه المهارة صار مشهوراً وهذا هو حاله اليوم، وأن من سلك طريق الإدمان مثلاً أصبح اليوم يعاني من كذا وكذا أو هو اليوم قابع بين جدران السجون

حاول دائماً أن توصل له الأمر ولكن ليس بصيغة الفعل الأمر، لا تشعره أنك أكثر منه فهماً وأعمق منه رؤية للمستقبل بل أخبره أنك تقدره بما يراه وما يفهمه، وأنت فقط تضيف إليه وتلفت انتباهه.

وأخيراً 

عليكم أيها الآباء أن تدركوا أن المراهقة مرحلة سوف تنتهي لا محالة، وأنَّ الأهم فيها أن نضبط التصرفات ونعالج السلوكيات ولستم مطالبين بمنع حدوثها أو صدورها من أبنائكم

اشترك في النشرة الإخبارية

لمزيد من المعلومات

نسعد بتواصلكم

الإثنين – الجمعة :
09:00 صباحاَ – 06:00 Pمساءَ

السبت :
10:00 AM – 05:00 PM

© 2023 -جميع الحقوق محفوظة لدى شامبيونز